• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم الطيب للمحرم قبل إحرامه
  • رقم الفتوى: 2716
  • تاريخ الإضافة: 1 ذو الحجة 1440
  • السؤال
    ما حكم التطيب عند إرادة الإحرام ؟
  • الاجابة

     التطيب عند الإحرام بحيث يبقى أثره بعد الإحرام؛ اختلف فيه أهل العلم، والصحيح جوازه وإن بقي أثره من لون أو ريح.

    وسبب الخلاف ما جاء في ذلك من أحاديث مختلفة، منها : حديث اتفق على إخراجه الشيخان: « أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ عليه جبة صوف متضمخ بطيب، فقال يا رسول الله: كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي ساعة ثم سكت، فجاءه الوحي فقال النبي ﷺ: « أين الذي سألني عن العمرة آنفاً » فالتُمس الرجل، فجيء به، فقال النبي ﷺ: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزِعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك»([1]) متفق عليه، وكان هذا في الجِعرّانة في سنة ثمان بلا خلاف بين أهل العلم.

    وأما الحديث الثاني فهو حديث عائشة رضي الله عنها - وهو متفق عليه أيضاً -، قالت: «كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه حين يُحرم، ولِحِله قبل أن يطوف بالبيت»([2]) وكان هذا في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف.

    هذان حديثان وحديث ابن عمر « لا يلبس ثوباً مسه وَرْس ولا زعفران» ، حديث ثالث.

    فاختلف أهل العلم في طريقة الجمع بين هذه الأحاديث، فالحديث الأول يدل على عدم جواز التطيب وإبقاء الطيب لا على الملابس ولا على الجسد، والحديث الثاني يدل على جواز التطيب قبل الإحرام ولو بقي بعد ذلك أثره بعد الإحرام، ولكن لا يتطيب بعد الإحرام لحديث ابن عمر المتقدم انظر الفتوى رقم (2717).

    قال ابن عبد البر في الاستذكار (4/ 31) بعد أن ذكر القول بالتحريم عن بعض الصحابة والتابعين واستدلالهم بحديث الأعرابي، قال: وقال جماعة من العلماء: لا بأس أن يتطيب المحرم قبل أن يحرم بما شاء من الطيب، مما يبقى عليه بعد إحرامه ومما لا يبقى.
    وممن قال بذلك من الصحابة: سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وعائشة، وأم حبيبة.
    فثبت الخلاف في هذه المسألة بين الصحابة رضوان الله عليهم
    وقال به من التابعين: عروة بن الزبير، وجابر بن محمد، والشعبي، والنخعي، وخارجة بن زيد، ومحمد بن الحنفية.
    واختلف في ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وسعيد بن جبير.
    وقال به من الفقهاء: أبو حنيفة، وأبو يوسف، وزفر، والثوري، والأوزاعي ، والشافعي، وأحمد بن حنبل، [وأحمد](3)، وإسحاق، وأبو ثور، وداود.
    والحجة لهم حديث عائشة، قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه قبل أن يحرم، ولِحلِّه قبل أن يطوف بالبيت.
    هذا لفظ القاسم بن محمد عن عائشة، ومثله رواية عطاء عن عائشة في ذلك.
    وقال الأسود: عن عائشة أنها كانت تطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما تجد من الطيب، حتى قالت: إني لأرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته.
    وروى موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن عائشة، قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغالية الجيدة عند إحرامه.
    وهذا رواه أبو زيد بن أبي الغمر عن يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن موسى بن عقبة، وروى هشام بن عروة عن أخيه عثمان بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة، قالت:طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما أجد.
    وربما قالت: بأطيب الطيب لحرمه ولحله. انتهى باختصار. 

    وأطال القول في المسألة في التمهيد (2/ 256)

    وانظر المغني لابن قدامة (3/ 258، مسألة 2287- مكتبة القاهرة )

    وقال الشوكاني - رحمه الله - في « نيل الأوطار » (4/ 361): «والحقُّ أن المُحَرَّمَ من الطيب على المُحرِم هو ما تطيب به ابتداءً بعد إحرامه، لا ما فعله عند إرادة الإحرام وبقي أثره لوناً أو ريحاً ». انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (1789)، ومسلم (1180).

    ([2]) أخرجه البخاري (1539)، ومسلم (1189). 

    ([3]) كذا في المطبوع، والظاهر أنها خطأ، ولم تذكر في التمهيد (2/ 256). والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم