• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حديث النفس في الصلاة
  • رقم الفتوى: 3366
  • تاريخ الإضافة: 23 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    هل حديث النفس مفسد للصلاة؟
  • الاجابة

    حديثُ النفسِ لا يُفْسِدُ الصلاة ولكنه ينقص أجرها؛ لحديث عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن الرجل لينصرف من الصلاة، وما كتب له إلا عُشْر صلاته، تُسْعُها، ثُمْنُها، سُبْعُها، سُدْسُها، خُمْسُها، رُبْعُها، ثُلْثُها، نِصْفُها »([1]). والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 448): "ذكر حديث دل على أن حديث النفس لا يقطع الصلاة " وذكر بإسناده "عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم يتكلموا به أو يعملوا»" . انتهى

    وقال النووي في المجموع (4/ 102): يستحب الخشوع في الصلاة والخضوع وتدبر قراءتها وأذكارها وما يتعلق بها، والإعراض عن الفكر فيما لا يتعلق بها، فإن فكر في غيرها وأكثر من الفكر لم تبطل صلاته، لكن يكره سواء كان فكره في مباح أو حرام كشرب الخمر، وقد قدمنا حكاية وجه ضعيف في فصل الفعل من هذا الباب؛ أن الفكر في حديث النفس إذا كثر بطلت الصلاة، وهو شاذ مردود، وقد نُقل الاجماع على أنها لا تبطل، وأما الكراهة فمتفق عليها، وقد سبقت هذه المسألة بأدلتها من الأحاديث الصحيحة الكثيرة في المسائل المنثورة في آخر باب صفة الصلاة.

    ومما استدلوا به على أنها لا تبطل بالفكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم به " رواه البخاري ومسلم. وعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه، قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فلما سلم قام سريعاً، ودخل على بعض نسائه ثم خرج، ورأى في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته، فقال: ذكرت وأنا في الصلاة تِبراً عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا؛ فأمرت بقسمته "".رواه البخاري. انتهى 

     وقال ابن تيمية: وقد تنازع العلماء فيمن غلب عليه الوسواس في صلاته، هل عليه الإعادة؟ على قولين:

     لكن الأئمة كأحمد وغيره على أنه لا إعادة عليه، واحتجوا بما في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا. لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل لن يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل أن يسلم" . فقد عم بهذا الكلام ولم يأمر أحداً بالإعادة.

    والثاني: عليه الإعادة، وهو قول طائفة من العلماء: من الفقهاء والصوفية من أصحاب أحمد وغيره؛ كأبي عبد الله بن حامد وغيره، لما تقدم من قوله: "ولم يكتب له منها إلا عشرها".

    والتحقيق أنه لا أجر له إلا بقدر الحضور؛ لكن ارتفعت عنه العقوبة التي يستحقها تارك الصلاة، وهذا معنى قولهم: تبرأ ذمته بها، أي: لا يعاقب على الترك، لكن الثواب على قدر الحضور؛ كما قال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها. فلهذا شرعت السنن الرواتب جبراً لما يحصل من النقص في الفرائض. والله أعلم. انتهى


    ([1]) أخرجه أحمد (31/ 171)، وأبو داود (796) وغيرهما.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم