• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: جواز أن يكون المهر منفعة
  • رقم الفتوى: 4774
  • تاريخ الإضافة: 5 رمضان 1441
  • السؤال

    هل يصح أن يكون المهر مالاً قليلاً أو منفعة يقدمها الرجل للمرأة ؟

  • الاجابة

    نعم يصح أن يكون المهر مالاً قليلاً أو منفعة تنتفع بها؛ كخاتم من حديد، أو عفش البيت أي فَرْشه، أو دنانير قليلة، أو تعليم القرآن.

    لحديث سهل بن سعد – رضي الله عنه - في الصحيحين: أن امرأة جاءت رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله ﷺ، فصعَّد النظر إليها وصوَّبَه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: «هل عندك من شيء؟» فقال: لا والله يا رسول الله، قال: «اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟» فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئاً، قال: «انظر ولو خاتماً من حديد» فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري - قال سهل: ما له رداء - فلها نصفه، فقال رسول الله ﷺ: «ما تصنع بإزارك؟! إن لَبِسْتَهُ لم يكن عليها منه شيء، وإن لَبِسَتْهُ لم يكن عليك شيء» فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله ﷺ مولِّياً، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: «ماذا معك من القرآن؟» قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، وسورة كذا- عدَّها - قال: «أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟» قال: نعم، قال: «اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن»([1]).

    دلّ هذا الحديث على أن المهر واجب لا يسقط عن الزوج، وأنه يصحّ أن يكون مالاً قليلاً، ويصح أن يكون منفعة، كتعليمها القرآن. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال الترمذي في جامعه (1113): واختلف أهل العلم في المهر، فقال بعض أهل العلم: المهر على ما تراضوا عليه، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
    وقال مالك بن أنس: لا يكون المهر أقل من ربع دينار، وقال بعض أهل الكوفة: لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم.

    وقال بعد حديث سهل بن سعد الذي ذكرته (1114): وقد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث، فقال: إن لم يكن له شيء يصدقها فتزوجها على سورة من القرآن، فالنكاح جائز، ويعلمها سورة من القرآن.
    وقال بعض أهل العلم: النكاح جائز، ويجعل لها صداق مثلها، وهو قول أهل الكوفة، وأحمد، وإسحاق. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (8/ 331): ذكر التوقيت في المهور واختلاف أهل العلم في ذلك
    اختلف أهل العلم في أدنى ما يجوز من الصداق.

    فقالت طائفة: لا وقت في الصداق كثر أو قل: روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لو أصدقها سوطاً لحلت له.
    وقال الحسن: هو على ما تراضوا عليه من قليل أو كثير، ولا يوقت شيئا.
    وقال عمرو بن دينار وعبد الكريم: أدنى الصداق ما تراضوا به.

    وهذا مذهب الثوري، والشافعي رحمه الله، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.

    وقالت طائفة: لا نرى أن يكون المهر أقل من ربع دينار. كذلك قال مالك بن أنس.

    وقالت طائفة: لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم. هذا قول أصحاب الرأي.

    وحكي عن ابن شبرمة أنه قال: أقل المهر خمس الدراهم.
    وقال الأوزاعي: كل نكاح وقع على درهم فما فوقه لا ينقضه حاكم. وقال أبو عمرو: فالصداق عندنا ما تراضيا عليه الزوجان من قليل أو كثير.
    وحكي عن النخعي ثلاثة أقاويل:
    أحدها: أنه كره أن يتزوج بأقل من أربعين درهما.
    وحكي أنه قال: السنة في الصداق الرطل من الذهب.
    وحكي عنه أنه قال: أكره أن يكون مثل مهر البغي، ولكن العشرة والعشرين.

    وكان سعيد بن جبير يحب أن يكون الصداق خمسين درهما.

    قال أبو بكر -أي ابن المنذر-: والذي به نقول: أن الصداق ما تراضيا عليه الزوجان، وقد ذكر الله الصداق في غير آية من كتابه، ولو كان لأقل من ذلك وقت لبينه في كتابه، أو على لسان نبيه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "التمس ولو خاتماً من حديد ". وقال - جل وعز -: {فنصف ما فرضتم} ففي هذه الآية الدليل على إجازة النكاح بغير تسمية، ولو كان للصداق حد معلوم ما جاز فيه التفويض، وقد أجاز في حديث سهل بن سعد النكاح على تعليم ما ذكر في الحديث من القرآن، وليس لأحد أن يحد حداً، ولا يوقت توقيتاً في شيء من فرائض الله إلا بحجة من كتاب الله أو سنة أو إجماع" .

    ثم ذكر حديث سهل بن سعد، وقال: قال أبو بكر: هذا الحديث يدخل على من زعم أن المهر لا يكون أقل من عشرة دراهم إذ خاتم من حديد لا يسوى عشرة الدراهم، ويلزم من قال: إن المهر لا يكون أقل من ربع دينار، مثل ما لزم من جعل عشر الدراهم حدا لأقل المهر، وينفي هذا الحديث توقيت المهر، وفيه أن السلطان يقوم مقام الولي في عقد نكاح النساء، ودل هذا الحديث على صحة عقد النكاح وإن لم يتقدمه خطبة؛ لأنه لا ذكر للخطبة في حديث سهل بن سعد، وفيه إباحة تزويج المرأة بأن يعلمها قرآناً فيكون ذلك صداقها، وإباحة أن تعرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، وإباحة تزويج الرجل المعسر الذي لا شيء له. انتهى


    ([1]) أخرجه البخاري (5030)، ومسلم (1425) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم