• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: قضاء صيام النافلة وكفارته
  • رقم الفتوى: 1735
  • تاريخ الإضافة: 13 شعبان 1440
  • السؤال
    رجل كان صائماً صيام تطوع فأراد الإفطار، فهل يجوز له ذلك؟ وإذا أفطر لغير عذر هل يجب عليه القضاء؟
  • الاجابة

    الذي يصوم صيام نافلة، أي متطوعاً، له أن يُكمل صيامه وله أن يُفطر قبل أن يكمله، فله أن يفطر ولا شيء عليه، حتى لو لم يكن مريضاً ولا مسافراً، فقط لأنه كسل عن إتمام اليوم يجوز له الإفطار، وله أن يُكمل الصيام، الخيار له، ورد في القضاء حديث ضعيف، والأحاديث الصحيحة تدل على ما ذكرت. والله أعلم 

     دليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليَّ النبي ﷺ ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟»، فقلنا: لا، قال: «فإني إذن صائم»، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حَيْسٌ، فقال: «أرينيه فلقد أصبحت صائماً» فأكل»، قال طلحة: «فحدثت به مجاهداً - مجاهد بن جبر -، فقال: ذاك بمنزلة الرجل يُخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها»([1]).انتهى

     فكان النبي ﷺ قد أصبح صائماً ثم أكل وترك صيامه، فدلَّ ذلك على أن المتطوع أمير نفسه، ولا قضاء عليه على الصحيح ولا كفارة، والله أعلم.

    قال الترمذي في جامعه (732): والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم: أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه، إلا أن يحب أن يقضيه، وهو قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 160): وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع، استحب له إتمامه، ولم يجب، فإن خرج منه، فلا قضاء عليه.

     روي عن ابن عمر، وابن عباس أنهما أصبحا صائمين، ثم أفطرا، وقال ابن عمر: لا بأس به، ما لم يكن نذراً أو قضاء رمضان، وقال ابن عباس: إذا صام الرجل تطوعاً، ثم شاء أن يقطعه قطعه، وإذا دخل في صلاة تطوعاً، ثم شاء أن يقطعها قطعها. وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم، فأنت على آخر النظرين، إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت. هذا مذهب أحمد، والثوري، والشافعي، وإسحاق.

    وقد روى حنبل، عن أحمد، إذا أجمع على الصيام، فأوجبه على نفسه، فأفطر من غير عذر، أعاد يوماً مكان ذلك اليوم. وهذا محمول على أنه استحب ذلك، أو نذره ليكون موافقاً لسائر الروايات عنه.

    وقال النخعي، وأبو حنيفة، ومالك: يلزم بالشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر، فإن خرج قضى. وعن مالك: لا قضاء عليه.

    واحتج من أوجب القضاء بما روي عن عائشة، أنها قالت: «أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا حيس، فأفطرنا، ثم سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقضيا يوماً مكانه». ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها، كالحج والعمرة.

    ولنا، ما روى مسلم، وأبو داود، والنسائي، عن عائشة، «قالت دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا. قال: فإني صائم. ثم مر بعد ذلك اليوم، وقد أهدي إلي حيس، فخبأت له منه، وكان يحب الحيس. قلت: يا رسول الله، إنه أهدي لنا حيس، فخبأت لك منه، قال: أدنيه، أما إني قد أصبحت وأنا صائم. فأكل منه، ثم قال لنا: إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة؛ فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها» هذا لفظ رواية النسائي، وهو أتم من غيره.
    وروت أم هانئ، «قالت: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتي بشراب، فناولنيه فشربت منه، ثم قلت: يا رسول الله، لقد أفطرت وكنت صائمة. فقال لها: أكنت تقضين شيئا؟ قالت: لا. قال: فلا يضرك إن كان تطوعاً» رواه سعيد وأبو داود والأثرم ، وفي لفظ قالت: «قلت، إني صائمة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن المتطوع أمير نفسه، فإن شئت فصومي، وإن شئت فأفطري» ولأن كل صوم لو أتمه كان تطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاؤه، كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبان أو من شوال.
    فأما خبرهم، فقال أبو داود: لا يثبت. وقال الترمذي: فيه مقال. وضعفه الجوزجاني وغيره.

     ثم هو محمول على الاستحباب. إذا ثبت هذا، فإنه يستحب له إتمامه، وإن خرج منه استحب قضاؤه؛ للخروج من الخلاف، وعملاً بالخبر الذي رووه. انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه مسلم (1154).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم