• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم الأذان
  • رقم الفتوى: 2354
  • تاريخ الإضافة: 16 شوال 1440
  • السؤال
    هل الأذان واجب أم مستحب؟
  • الاجابة

    في المسألة خلاف، والظاهر أنه واجب وجوباً كفائياً؛ لأن النبي ﷺ أمر به كما في حديث مالك بن الحويرث في «الصحيحين » أن النبي ﷺ قال له ولصاحبه عندما أرادا الرجوع إلى أهليهم: « ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلّموهم، ومروهم » – وذكر أشياء – ثم قال: « وصلّوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ». وكانا على سفر([1]).

    وكان ﷺ إذا غزا غزوة ومرّ بقوم ولم يعلم أهم مسلمون أم مشركون انتظر وقت الصلاة فإذا سمع النداء لم يغزهم، وإن لم يسمع غزاهم([2]).

    فالأذان شعيرة من شعائر الإسلام واجبة في الحضر والسفر.

    ولكن الصحيح أن هذا الوجوب وجوب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فالنبي ﷺ لم يأمر به النساء في البيوت ولا من لم يصل مع الجماعة في المسجد لعذر.

    وقوله ﷺ لمالك بن الحويرث: «وليؤذن لكم أحدكم»، دليل على أنه ليس واجباً على كل أحد. والله أعلم.

    قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 114):  اختلف العلماء في حكم الأذان: هل هو واجب أو سنة مؤكدة؟ وإن كان واجباً، فهل هو من فروض الأعيان أو من فروض الكفاية؟ فقيل عن مالك: إن الأذان هو فرض على مساجد الجماعات، وقيل: سنة مؤكدة، ولم يره على المنفرد لا فرضا ولا سنة.
    وقال بعض أهل الظاهر: هو واجب على الأعيان، وقال بعضهم: على الجماعة كانت في سفر أو في حضر، وقال بعضهم: في السفر.
    واتفق الشافعي، وأبو حنيفة على أنه سنة للمنفرد والجماعة إلا أنه آكد في حق الجماعة. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (1/ 302): وظاهر كلام الخرقي: أن الأذان سنة مؤكدة، وليس بواجب؛ لأنه جعل تركه مكروهاً. وهذا قول أبي حنيفة والشافعي؛ لأنه دعاء إلى الصلاة، فأشبه قوله: الصلاة جامعة. وقال أبو بكر عبد العزيز: هو من فروض الكفايات.
    وهذا قول أكثر أصحابنا، وقول بعض أصحاب مالك. وقال عطاء، ومجاهد، والأوزاعي: هو فرض؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به مالكاً وصاحبه، وداوم عليه هو وخلفاؤه وأصحابه، والأمر يقتضي الوجوب، ومداومته على فعله دليل على وجوبه، ولأنه من شعائر الإسلام الظاهرة، فكان فرضاً كالجهاد.

     فعلى قول أصحابنا؛ إذا قام به من تحصل به الكفاية سقط عن الباقين؛ لأن بلالاً كان يؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيكتفي به. وإن صلى مصل بغير أذان ولا إقامة، فالصلاة صحيحة على القولين؛ لما روي عن علقمة والأسود، أنهما قالا: دخلنا على عبد الله فصلى بنا، بلا أذان ولا إقامة. رواه الأثرم.

    ولا أعلم أحداً خالف في ذلك إلا عطاء، قال: ومن نسي الإقامة يعيد. والأوزاعي قال مرة: يعيد ما دام في الوقت، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه. وهذا شذوذ، والصحيح قول الجمهور؛ لما ذكرنا، ولأن الإقامة أحد الأذانين، فلم تفسد الصلاة بتركها، كالآخر. انتهى 

    وقال ابن عبد البر بعد أن ذكر خلاف العلماء من السلف فيه: قد أجمع العلماء على أن المسجد إذا أذن فيه واحد وأقام أنه يجزي أذانه وإقامته جميع أهل المسجد، وأن من أدرك الإمام في سفر أو حضر وقد دخل في صلاته أنه يدخل معه ولا يؤذن ولا يقيم؛ فدل إجماعهم في ذلك كله على بطلان قول من أوجب الأذان على كل إنسان في خاصة نفسه مسافراً كان أو غير مسافر، ودل على أن الأذان والإقامة غير واجبين، ومن جهة القياس والنظر ليستا من الصلاة فتفسد الصلاة بتركهما.

    والذي يصح عندي في هذه المسألة أن الأذان واجب فرضاً على الدار؛ أعني المصر أو القرية، فإذا قام فيها قائم واحد أو أكثر بالأذان سقط فرضه عن سائرهم، ومن الفرق بين دار الكفر ودار الإسلام لمن لم يعرفها؛ الأذان، الدال على الدار، وكل قرية أو مصر لا يؤذن فيه بالصلاة فأهله لله عز وجل عصاة، ومن صلى منهم فلا إعادة عليه؛ لأن الأذان غير الصلاة، ووجوبه على الكفاية، فمن قام به سقط عن غيره كسائر الفروض الواجبة على الكفاية.

    وأما الأذان للمنفرد في سفر أو حضر فسنة عندي مسنونة مندوب إليها مأجور فاعلها عليها. وبالله التوفيق انتهى من التمهيد (13/ 280) والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (6008)، ومسلم (674).

    ([2]) أخرجه البخاري (2943)، ومسلم (382) عن أنس رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم