• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: المحرمات من اللباس على المحرم
  • رقم الفتوى: 2650
  • تاريخ الإضافة: 25 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    ما الذي يحرم على المحرم لبسه من الثياب؟
  • الاجابة

    من أراد الحج أو العمرة وأراد أن يحرم، لا يجوز له في الإحرام لبس ما ورد النهي عن لبسه للمحرم، ففي حديث ابن عمر، قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، ما تأمرنا أن نلبس إذا أحرمنا؟ قال: «لا تلبسوا القميص، والسراويل، والعمائم، والبرانس، والخفاف، إلا أن يكون رجل ليس له نعلان فليلبس الخفين أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه زعفران ولا ورس» أخرجه البخاري(5805)، ومسلم(1177).

    وفي رواية عند البخاري(1838) قال:« ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين».

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 220): أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القميص، والعمائم، والقلانس، والسراويلات، والخفاف، والبرانس. وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس ذلك كله. انتهى

    القميص، وهو ما يخاط على قدر الجسد، وهو ما يسميه الناس اليوم الدشداشة أو الجلابية أو الثوب، ومثله ما في معناه من كل ما لبس على قدر البدن، كالفنيلات والجاكيتات والبلايز وما شابه.

    وهو الذي يسميه الفقهاء (المخيط)، ويعنون بالمخيط ما كان على قدر الجسد أو على قدر عضو من أعضاء الجسد، ولا يريدون بالمخيط ما فيه خيط، بل هو ما ذكرناه، فقول النبي ﷺ: « لا يلبس المحرم القميص » استدل به أهل العلم وبالنهي عن لبس السراويل على عدم جواز لبس ما يُخاط على قدر الجسد أو على قدر عضو من أعضاء الجسد؛ لأنه في معنى القميص والسراويل، وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء([1]) .

    العِمامة: وهي غطاء الرأس، ليست القلنسوة هذه التي يسميها الناس طاقية، بل العِمامة تُلف على الرأس.

    البرنس: وهو ثوب رأسه منه، معروف عند المغاربة اليوم ويلبسونه بكثرة.

     ونُبّه بالعمامة والبرنس على كلِّ ما يُغطي الرأس، سواء كان معتاداً أو غير معتاد، فالبرنس غير معتاد عند الصحابة، وأمَّا العمامة فمعتاد.

    السراويل: ثوب ذو أكمام يُلبس بدل الإزار - يعني مِثل البنطال - فله جزء يخص الرِّجْلَ اليمنى وجزء يخص الرِّجْلَ اليسرى كالبنطال تماماً، إلا أنه أوسع من البنطال.

    والبنطال والملابس الداخلية والذي نقول له الشورت، هذه كلها تُلحق بالسراويل فكل مخيط - يعني خيط على قدر الجسد أو على قدر العضو- فلا يجوز لُبسه للمُحرم.

    الوَرْس : وهو نبت أصفر اللون، تُصبغ به الثياب وله رائحة طيبة، ولا يجوز استعمالها للمحرم.

    الزعفران كذلك نبت يُصبغ به وهو طيب الرائحة كذلك، ولا يجوز استعماله للمحرم أيضاً.
    ويُلحَق بهما أنواع الطيب، فلا يجوز للمُحرم أن يتطيب ، وحكم تحريم الطيب للمحرم عام يشمل الرجال والنساء. فاستعمال الطيب بعد الإحرام في ثوبه أو بدنه أو غيرهما مما يتصل به محرم على المحرم لحديث ابن عمر رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة: «اغسلوه، وكفنوه، ولا تغطوا رأسه، ولا تقربوه طيباً، فإنه يبعث يهل» متفق عليه وفي رواية يبعث يلبي. فعلل ذلك بكونه يُبعث يوم القيامة ملبياً.
    فدل هذا على أن المحرم ممنوع من قُربان الطيب.
    ولا يستعمل المحرم الصابون المُمَسك إذا ظهرت فيه رائحة الطيب، وأما الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه فلا يضر بقاؤه بعد الإحرام ؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحرم "متفق عليه.

    الخفان: الخف ما يُلبس في القدمين، ويكون طويلاً حتى يغطي الكعبين، ويُلحق بهما كل ما غطى القدمين مثل الجوارب، فكل ما غطّى القدمين إلى الكعبين وغطى الكعبين أيضاً يلحق بالخفين ، إلا أنْ لا يجد النعلين، فمن لم يجد نعلين فيجوز له أن يلبس الخفين ، لكن جاء في الحديث قوله: «فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين»، وفي المسألة خلاف في قطع الخفين وإيقائهما من غير قطع والراجح أن الأمر بالقطع منسوخ حصل والنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ثم رخص في لبس الخفين ولم يأمر بالقطع في حجة الوداع.

     وهذا حكم خاص بالرجال، أما المرأة فلها أن تلبس الخفين مطلقاً، والله أعلم .

    قال ابن قدامة في المغني (3/ 281):  قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القمص، والعمائم، والسراويلات، والخفاف، والبرانس. والأصل في هذا ما روى ابن عمر، «أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحدا لا يجد نعلين، فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئا مسه الزعفران، ولا الورس» متفق عليه.
    نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه الأشياء، وألحق بها أهل العلم ما في معناها، مثل الجبة، والدراعة، والثياب، وأشباه ذلك. فليس للمحرم ستر بدنه بما عمل على قدره، ولا ستر عضو من أعضائه بما عمل على قدره، كالقميص للبدن، والسراويل لبعض البدن، والقفازين لليدين، والخفين للرجلين، ونحو ذلك، وليس في هذا كله اختلاف. قال ابن عبد البر: لا يجوز لباس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم، وأجمعوا على أن المراد بهذا الذكور دون النساء. انتهى 

    وسئل ابن عثيمين رحمه الله: من محظورات الإحرام لبس المخيط فما حكم لبس النعال المخروزة؟
    فأجاب بقوله: أهل العلم عندما ذكروا من محظورات الإحرام لبس المخيط لم يريدوا بذلك لبس ما كان فيه خياطة، وإنما أرادوا بذلك ما يصنع على البدن من الملبوسات كالسراويل والقميص، وأما ما فيه خياطة فإنه جائز إذا كان يجوز لبسه في الإحرام مثل النعال التي فيها خرازة، ومثل الكمر الذي يجعل فيه النفقة، وكذلك إذا انشق الإزار وخاطه فإنه لا بأس في ذلك، وكثير من العامة يفهمون من لبس المخيط أنه لبس ما فيه خياطة وليس الأمر كذلك، وإنما لبس المخيط أن يلبس الإنسان ما يصنع على البدن من الملبوسات، أو على جزء منه كما مثلنا أولاً، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف ". انتهى من مجموع الفتاوى (22/ 145).

    وقال (24/ 279): ويختص الرجال بمحظورين حرام عليهم دون النساء وهما:
    1- تغطية الرأس، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المحرم الذي وقصته راحلته بعرفة: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخُمروا رأسه- أي لا تُغطوه- " ، متفق عليه.
    فلا يجوز للرجل أن يُغطي رأسه بما يلاصقه كالعمامة- والقُبع والطاقية والغُترة ونحوها، فأما غير الملاصق كالشمسية وسقف السيارة والخيمة ونحوها فلا بأس به لقول أم حصين رضي الله عنها: "حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حج الوداع فرأتيه حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - يُظلله من الشمس " رواه مسلم.
    وفي رواية: "يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة" .
    ولا بأس أن يحمل متاعه على رأسه وإن تغطى ببعض الرأس لأن ذلك لا يُقصد به الستر غالباً. ولا بأس أن يغوص في الماء ولو تغطى رأسه بالماء.

     2- مما يختص به الرجال من محظورات الإحرام لُبس المخيط، وهو أن يلبس ما يلبس عادة على الهيئة المُعتادة، سواء كان شاملاً للجسم كله، كالبرنس والقميص، أو لجزء منه كالسراويل والفنايل والخفاف والجوارب وشراب اليدين والرجلين، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: "لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا ثوباً مسّه زعفرانٌ ولا ورس "  متفق عليه.
    لكن إذا لم يجد الإزار ولا ثمنه لبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين ولا ثمنهما لبس الخفين ولا شيء عليه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات يقول: "من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين "  متفق عليه.
    ولا بأس أن يلف القميص على جسمه بدون لبس.
    ولا بأس أن يجعل العباءة رداءً بحيث لا يلبسها كالعادة.
    ولا بأس أن يلبس رداءً أو إزاراً مرقعاً.
    ولا بأس أن يعقد على إزاره خيطاً أو نحوه.
    ولا بأس أن يلبس الخاتم وساعة اليد ونظارة العين وسماعة الأذن، ويُعلق القربة ووعاء النفقة في عنقه.
    ولا بأس أن يعقد رداءه عند الحاجة مثل أن يخاف سقوطه، لأن هذه الأمور لم يرد فيها منع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليست في معنى المنصوص عليه، بل لقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف " .
    فإجابته - صلى الله عليه وسلم - بما لا يُلبس عن السؤال عما يلبس دليل على أن كل ما عدا هذه المذكورات فإنه يلبسه المحرم.
    وقد أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - للمحرم أن يلبس الخفين إذا عدم النعلين لاحتياجه إلى وقاية رجليه، فمثل ذلك لبس نظارة العين لاحتياج لابسها إلى حفظ عينيه.
    وهذان المحظوران خاصان بالرجال، أما المرأة فلها أن تغطي رأسها، ولها أن تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب، غير أن لا تتبرج بالزينة، ولا تلبس القفازين، وهما شراب اليدين، ولا تنتقب ولا تغطي وجهها إلا أن يمر الرجال قريباً منها فتغطي وجهها حينئذ، لأنه لا يجوز كشف الوجه للرجال الأجانب أي غير المحارم.
    ويجوز للرجال والنساء تغيير ثياب الإحرام إلى غيرها مما لا يمتنع عليهما لبسه حال الإحرام. انتهى


    ([1]) نقل ابن عبد البر الإجماع على أن المراد بحديث ابن عمر رضي الله عنه أنه للرجال دون النساء. انظر « الاستذكار » (4/14) له.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم