• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: العجز عن عمل من أعمال الصلاة
  • رقم الفتوى: 3344
  • تاريخ الإضافة: 12 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    من عجز عن عمل من أعمال الصلاة كالوضوء والقيام، وصلاها على حسب ما يقدر بترك القيام مثلاً، هل عليه إعادة عند القدرة على القيام؟ وهل يأثم إذا لم يعد؟
  • الاجابة

    من لم يتمكن من فِعل عمل من أعمال الصلاة سقط عنه ذلك الفعل، سواء كان ركناً أو شرطاً أو غير ذلك، فيتركه ويفعل ما يقدر عليه، ولا إعادة عليه؛ لقول النبي ﷺ: «صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب»([1]).

    ولا يأثم على ذلك؛ لقول الله تبارك وتعالى {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقوله: {لا يكلِّف الله نفساً إلا وسعها}، بل أجره تام إن شاء الله لا نقص فيه، كما لو أنه صلاها قائماً؛ لأنه معذور. والله أعلم.

    قال النووي في المجموع (4/ 310):  وأما الأحكام فاجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً، ولا إعادة عليه.

    قال أصحابنا: ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام؛ لأنه معذور، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ".

    قال أصحابنا: ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام، ولا يكفي أدنى مشقة؛ بل المعتبر المشقة الظاهرة(2)، فإذا خاف مشقة شديدة أو زيادة مرض أو نحو ذلك، أو خاف راكب السفينة الغرق أو دوران الرأس؛ صلى قاعداً ولا إعادة.

    وقال إمام الحرمين في باب التيمم: الذي أراه في ضبط العجز أن يلحقه بالقيام مشقة تُذهِب خشوعه؛ لأن الخشوع مقصود الصلاة. والمذهب الأول...انتهى 

    وقال ابن تيمية: يجب على كل مسلم أن يصلي الصلوات الخمس في مواقيتها، وليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر.

    لكن العذر يبيح له شيئين: يبيح له ترك ما يعجز عنه، ويبيح له الجمع بين الصلاتين.

    فما عجز عنه العبد من واجبات الصلاة سقط عنه. قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}، {ولا نكلف نفسا إلا وسعها}، وقال - لما ذكر آية الطهارة -: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم} الآية.

    وقد روي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

    فالمريض يصلي على حسب حاله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"، وسقط عنه ما يعجز عنه من قيام وقعود أو تكميل الركوع والسجود، ويفعل ما يقدر عليه.

    فإن قدر على الطهارة بالماء تطهر، وإذا عجز عن ذلك لعدم الماء أو خوف الضرر باستعماله تيمم وصلى.

    ولا إعادة عليه لما يتركه من القيام والقعود باتفاق العلماء.

    وكذلك لا إعادة إذا صلى بالتيمم باتفاقهم. 

    ولو كان في بدنه نجاسة لا يمكنه إزالتها صلى بها ولا إعادة عليه أيضاً عند عامة العلماء.

    ولو لم يجد إلا ثوباً نجساً؛ فقيل يصلي عرياناً، وقيل يصلي ويعيد، وقيل يصلي في الثوب النجس ولا يعيد، وهو أصح أقوال العلماء.

    وكذلك المسافر إذا لم يقدر على استعمال الماء صلى بالتيمم، وقيل: يعيد في الحضر، وقيل: يعيد في السفر، وقيل: لا إعادة عليه لا في الحضر ولا في السفر. وهو أصح أقوال العلماء.

    فالصحيح من أقوالهم أنه لا إعادة على أحد فعل ما أُمر به بحسب الاستطاعة، وإنما يعيد من ترك واجباً يقدر عليه. انتهى من مجموع الفتاوى (21/ 428).

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) أخرجه البخاري (1117) عن عمران بن الحصين .

    (2) يذكر هنا الضابط الذي يجوز معه الصلاة جالساً، ويعتبر معه المصلي معذوراً للصلاة جالساً، فقال الضابط عند الشافعية: هو أن تلحقه مشقة ظاهرة: شديدة غير محتملة في العادة، ولا يكفي لها مشقة خفيفة، ولا يشترط أيضاً أن يكون عاجزاً تماماً عن القيام كالأشل، هذا المذهب، وأما الضابط عند الجويني وهو من الشافعية، فقال: مشقة تضيع الخشوع في الصلاة. والله أعلم 

    قال صاحب تحفة المحتاج: (ولو عجز عن القيام) بأن لحقه به مشقة ظاهرة أو شديدة: عبارتان المراد منهما واحد، وهو أن تكون بحيث لا تحتمل عادة. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم