• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الاختصار في الصلاة
  • رقم الفتوى: 3364
  • تاريخ الإضافة: 23 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    ما هو الاختصار في الصلاة وما حكمه ؟
  • الاجابة

    الاختصار: هو وضع اليدين أو اليد على الخاصرة في الصلاة، وخاصرة الإنسان ما بين عظم الحوض وأسفل الأضلاع، هي موضع الحزام من الجنب، لا يزال الناس عندنا في الشام يسمونها باسمها. وبعض النساء اليوم عندما تتعارك مع أخرى تضع يديها على خاصرتها للعراك بالكلام، هذه نفس الصورة المرادة هنا.

    وهو مكروه في الصلاة، ودليل الكراهة حديث أبي هريرة : «نهى النبي ﷺ أن يصلي الرجل مختصراً»([1])، نهى عنه لأنه فعل اليهود.

    اتفق العلماء على كراهته، والجمهور على أنها كراهة تنزيهية، وذهب الأحناف وأهل الظاهر إلى أنها تحريمية. والله أعلم 

    قال النووي في المجموع (4/ 97): معنى المختصر أن يضع يده على خاصرته، كما ذكره المصنف، هذا هو الصحيح، وبه قال الجمهور من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء.

    وقيل: هو أن يتوكأ على عصي. حكاه الهروي وغيره.

    وقيل: أن يختصر السورة فيقرأ آخرها.

    وقيل: أن يختصر في صلاته فلا يتم قيامها وركوعها وسجودها وحدودها.

    والصحيح الأول.

    قيل: نهى عنه لأنه فعل المتكبرين، فلا يليق بالصلاة. وقيل: لأنه فعل اليهود. وقيل: فعل الشيطان.

    وكراهة وضع اليد على خاصرته متفق عليها سواء كان المصلي رجلاً أو امرأة. انتهى 

    وقال ابن رجب في فتح الباري (9/ 371): والاختصار: فسره الأكثرون بوضع اليد على الخاصرة في الصلاة، وبذلك فسره الترمذي في جامعه ، وعليه يدل تبويب النسائي.
    وروى الإمام أحمد في مسنده عن يزيد بن هارون، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: نهي عن الاختصار في الصلاة. قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يضع يده على خصره وهو يصلي. قال يزيد: قلنا لهشام: ذكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال برأسه - أي: نعم.
    وبهذا التفسير فسره جمهور أهل اللغة، وأهل غريب الحديث، وعامة المحدثين والفقهاء، وهو الصحيح الذي عليه الجمهور.
    وقد قيل: إنه إنما نهى عنه؛ لأنه فعل المتكبرين، فلا يليق بالصلاة. وقيل: إنه فعل اليهود.
    وقيل: فعل الشيطان.
    فلذلك كرهه بعضهم في الصلاة وغيرها.
    قد خرج البخاري في كتابه هذا في (ذكر بني إسرائيل)، من رواية
    مسروق، عن عائشة، أنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته، وتقول: إن اليهود تفعله.
    وخرجه سعيد بن منصور في سننه، ولفظه: أن عائشة كانت تكره الاختصار في الصلاة، وتقول: لاتشبهوا باليهود.
    وخرجه عبد الرزاق، ولفظه: إن عائشة نهت أن يجعل الرجل أصابعه في خاصرته في الصلاة، كما تصنع اليهود.
    وروي عن عائشة، أنها قالت: هكذا أهل النار.
    وعن ابن عباس، قال: إن الشيطان يحضر ذلك.
    وعن مجاهد، قال: هو استراحة أهل النار في النار.
    خرجه كله وكيع بن الجراح، وعنه ابن أبي شيبة.
    وروى ابن أبي شيبة بإسناده، عن حميد الهلالي، قال: إنما كره الخصر في الصلاة أن إبليس أهبط مختصراً.
    وروى صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يجعل يديه في خاصرته؛ فإن الشيطان يحضر ذلك. خرجه عبد الرزاق.
    وروى سعيد بن زياد الشيباني، عن زياد بن صبيح، قال: صليت جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خصري، فقال لي هكذا - ضربه بيده -، فلما صليت قلت: يا أبا عبد الرحمن، مارابك مني؟ قال: إن هذا الصلب، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عنه. خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
    وزياد بن صبيح -ويقال: ابن صباح - الحنفي، وثقه ابن معين والنسائي
    وغيرهما، وقال الدارقطني: يعتبر به.
    قال: وسعيد بن زياد الشيباني، الراوي عنه، لايحتج به، ولكن يعتبر به، قال: لا أعرف له إلا هذا الحديث -: نقله عنه البرقاني.
    وسعيد بن زياد، قال ابن معين: صالح. ووثقه ابن حبان.
    وحكى ابن المنذر كراهة الاختصار في الصلاة على هذا الوجه عن ابن عباس وعائشة ومجاهد والنخعي وأبي مجلز ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي. انتهى.
    وهو قول عطاء والشافعي وأحمد - أيضاً.

    ومن الناس من فسر الاختصار في حديث أبي هريرة بأن يمسك بيده شيئاً يعتمد عليه في الصلاة؛ فإن العصى ونحوها مما يعتمد عليه يسمى مخصرة.
    وفسره بعضهم باختصار السورة، فيقرأ بعضها.
    وفسره بعضهم باختصار افعال الصلاة، فلا يتم قيامها ولا ركوعها ولاسجودها.

    وقد بوب أبو داود في سننه على التخصر والإقعاء في الصلاة ،  فخرج فيه: حديث ابن عمر المشار إليه.
    ثم بوب على الاختصار في الصلاة، وخرج فيه: حديث أبي هريرة هذا.
    ثم اتبعه: باب: يعتمد في الصلاة على عصى.
    فلعله فسر الاختصار بالاعتماد، كما قال بعضهم. والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى.


    ([1]) أخرجه البخاري (1220)، ومسلم(545) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم