• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: صلاة النفل في جماعة
  • رقم الفتوى: 3566
  • تاريخ الإضافة: 16 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    هل يجوز أن نصلي النافلة جماعة كصلاة الضحى؟
  • الاجابة

    صلاة التطوع في جماعة نوعان: نوع صلاه النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة وداوم عليه هو وأصحابه رضي الله عنهم؛ كصلاة الاستسقاء والعيدين والكسوف فهذا يسن أن يصلى جماعة دائماً.

    والنوع الثاني صلاه النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً غالباً، وأحياناً في جماعة، وهذا النوع يجوز أن يصلى أحياناً في جماعة ولا تجوز المداومة على ذلك؛ كالرواتب والضحى وقيام الليل سوى التراويح فهي من النوع الأول.

     وهذا النوع الثاني هو محل الخلاف بين أهل العلم، فمنهم من أجاز الجماعة في التطوع مطلقاً، ومنهم من كرهها مطلقاً، ومنهم من فصل، وهؤلاء اختلفوا أيضاً، وأصح الأقوال الموافق للسنة هو الذي ذكرناه، والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن تيمية في صلاة النافلة جماعة: صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان فهذا يفعل في الجماعة دائماً كما مضت به السنة. الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة: كقيام الليل والسنن الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد ونحو ذلك. فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز. وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة بل بدعة مكروهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا. والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا فإنه كان يقوم الليل وحده؛ لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه وليلة أخرى صلى معه حذيفة وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم. وعامة تطوعاته إنما كان يصليها مفردا وهذا الذي ذكرناه في التطوعات المسنونة فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها: " كصلاة الرغائب " في أول جمعة من رجب " والألفية " في أول رجب ونصف شعبان وليلة سبع وعشرين من شهر رجب وأمثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله. والله أعلم. انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 413)، وانظر (23/ 132).

    وقال (23/ 111): وهذا النزاع الذي وقع في القنوت له نظائر كثيرة في الشريعة: فكثيراً ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم لسبب، فيجعله بعض الناس سنة، ولا يميز بين السنة الدائمة والعارضة. وبعض الناس يرى أنه لم يكن يفعله في أغلب الأوقات فيراه بدعة، ويجعل فعله في بعض الأوقات مخصوصاً أو منسوخاً- إن كان قد بلغه ذلك-، مثل صلاة التطوع في جماعة، فإنه قد ثبت عنه في الصحيح أنه صلى بالليل وخلفه ابن عباس مرة، وحذيفة بن اليمان مرة، وكذلك غيرهما. وكذلك صلى بعتبان بن مالك في بيته التطوع جماعة، وصلى بأنس بن مالك وأمه واليتيم في داره.

     فمن الناس من يجعل هذا فيما يحدث من " صلاة الألفية " ليلة نصف شعبان والرغائب ونحوهما مما يداومون فيه على الجماعات.

    ومن الناس من يكره التطوع؛ لأنه رأى أن الجماعة إنما سنت في الخمس كما أن الأذان إنما سن في الخمس.

    ومعلوم أن الصواب هو ما جاءت به السنة، فلا يكره أن يتطوع في جماعة؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجعل ذلك سنة راتبة كمن يقيم للمسجد إماماً راتباً يصلي بالناس بين العشاءين أو في جوف الليل كما يصلي بهم الصلوات الخمس، كما ليس له أن يجعل للعيدين وغيرهما أذاناً كأذان الخمس؛ ولهذا أنكر الصحابة على من فعل هذا من ولاة الأمور إذ ذاك. انتهى 

    وقال ابن رجب في فتح الباري (3/ 187): وفي حديث عتبان: دليل على جواز إمامة الأعمى، وجواز الجماعة في صلاة التطوع أحياناً...انتهى 

    وقال ابن عثيمين: صلاة النافلة جماعة أحياناً لا بأس بها لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى جماعة في أصحابه في بعض الليالي فصلى معه ذات مرة عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وصلى معه مرة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وصلى معه مرة حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أما حذيفة فأخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ بالبقرة، والنساء، وآل عمران لا يمر بآية وعيد إلا تعوذ، ولا بآية رحمة إلا سأل، وأما عبد الله بن مسعود فصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة فأطال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القيام، قال عبد الله بن مسعود حتى هممت بأمر سوء قيل: وما أمر السوء الذي هممت به؟ قال: أن أجلس وأدعه وذلك من طول قيامه عليه الصلاة والسلام. وأما عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - فإنه قام يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الليل عن يساره، فأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأسه فجعله عن يمينه. 

    والحاصل أنه لا بأس أن يصلي الجماعة بعض النوافل جماعة ولكن لا تكون هذه سنة راتبة كلما صلوا السنة صلوها جماعة؛ لأن هذا غير مشروع. انتهى مجموع الفتاوى (14/ 335).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم