• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الوضوء للطواف
  • رقم الفتوى: 2763
  • تاريخ الإضافة: 1 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما هو الراجح في اشتراط الوضوء للطواف بالبيت عند فضيلتكم ؟
  • الاجابة

    الوضوء للطواف بالبيت مستحب على الصحيح، وليس واجباً ولا شرطاً، هو مستحب لفعل النبي ﷺ، ولا يوجد ما يدلّ على شرطيته، فإذا انتقض وضوء الشخص وهو في طوافه فله أن يُكمل طوافه.

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 220): فيه دليل لإثبات الوضوء للطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ثم قال صلى الله عليه وسلم:" لتأخذوا عني مناسككم"، وقد أجمعت الأئمة على أنه يشرع الوضوء للطواف، ولكن اختلفوا في أنه واجب وشرط لصحته أم لا، فقال مالك والشافعي وأحمد والجمهور هو شرط لصحة الطواف، وقال أبو حنيفة مستحب ليس بشرط. انتهى ثم ذكر الأدلة.

    وذكر النووي في المجموع (8/ 17) أن أبا حنيفة انفرد بهذا القول، فقال العراقي في طرح التثريب (5/ 120): وفيما ذكره من انفراد أبي حنيفة بذلك نظر: فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن غندر عن شعبة قال: سألت الحكم وحماداً ومنصوراً وسليمان عن الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة فلم يروا به بأساً، وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن عطاء قال: إذا طافت المرأة ثلاث أطواف فصاعداً ثم حاضت أجزأ عنها. وذكر ابن حزم في المحلى عن عطاء قال: حاضت امرأة وهي تطوف مع عائشة أم المؤمنين فأتمت بها عائشة بقية طوافها. قال ابن حزم: فهذه أم المؤمنين لم تر الطهارة من شروط الطواف. انتهى. انتهى المراد.

    قال ابن تيمية (21/ 372): والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً؛ فإنه لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف؛ أنه أمر بالوضوء للطواف، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة، وقد اعتمر عمراً متعددة، والناس يعتمرون معه، فلو كان الوضوء فرضاً للطواف لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً، ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه، ولكن ثبت في الصحيح "أنه لما طاف توضأ"، وهذا وحده لا يدل على الوجوب؛ فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة، وقد قال: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر"، فيتيمم لرد السلام. وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما خرج من الخلاء وأكل وهو محدث قيل له: ألا تتوضأ؟ قال: "ما أردت صلاة فأتوضأ" ، يدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة، وأن وضوءه لما سوى ذلك مستحب ليس بواجب.

    وقوله صلى الله عليه وسلم:" ما أردت صلاة فأتوضأ" ليس إنكاراً للوضوء لغير الصلاة، لكن إنكار لإيجاب الوضوء لغير الصلاة؛ فإن بعض الحاضرين قال له: ألا تتوضأ؟ فكأن هذا القائل ظن وجوب الوضوء للأكل ، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما أردت صلاة فأتوضأ" فبين له أنه إنما فرض الله الوضوء على من قام إلى الصلاة.

    والحديث الذي يروى: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير"، قد رواه النسائي وهو يروى موقوفاً ومرفوعاً، وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفاً، ويجعلونه من كلام ابن عباس، لا يثبتون رفعه، وبكل حال فلا حجة فيه؛ لأنه ليس المراد به أن الطواف نوع من الصلاة كصلاة العيد والجنائز، ولا أنه مثل الصلاة مطلقاً؛ فإن الطواف يباح فيه الكلام بالنص والإجماع، ولا تسليم فيه، ولا يبطله الضحك والقهقهة، ولا تجب فيه القراءة باتفاق المسلمين، فليس هو مثل الجنازة؛ فإن الجنازة فيها تكبير وتسليم، فتفتح بالتكبير وتختم بالتسليم، وهذا حد الصلاة التي أمر فيها بالوضوء...إلخ. انتهى 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (7/ 262): وهذا الذي تطمئن إليه النفس: أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام، مثل لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهوراً بيناً، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح مناف لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]. انتهى

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم