و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد
فإن كان هؤلاء الحجاج اشترطوا عند إحرامهم، بأن قالوا عند الإحرام: " اللهم مَحلِّي حيث حبستني" فإنهم يتحللون ولا شيء عليهم؛ لحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟» قَالَتْ: وَاللَّهِ لاَ أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "(1)
وأما إذا لم يشترطوا عند إحرامهم؛ فإنهم يذبحون هدياً، وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، كالذي يجزئ في الأضحية، يذبحونها في المكان الذي أحصروا فيه إن تيسر، أو في أي مكان إذا لم يتيسر لهم ذبحه في مكان إحصارهم، ويطعمونه للفقراء، ثم بعد ذلك يحلقون أو يقصرون؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}
وكما فعل النبي صلى عليه و سلم وأصحابه يوم الحديبية(2)
و أما إذا لم يجدوا الهدي، فاختلف أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم: يصوم عشرة أيام ثم يتحلل؛ قياساً على المتمتع. وقال بعضهم: لا شيء عليه؛ لأن الآية ليس فيها ذكر الصوم، و لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر من لم يجد الهدي يوم الحديبية أن يصوم. ولعل هذا هو الأقرب. و الله أعلم.
سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: رجل حج بدون تصريح فمنع من دخول مكة فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إن كان قال عند الإحرام: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) فيحل ولا شيء عليه، وإذا لم يشترط فالواجب عليه أن يذبح هدياً؛ لقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ويتحلل حيث أحصر. انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 433).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (5089)، ومسلم (1207).
(2) قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ». أخرجه البخاري (1812)، ومسلم (1230).
جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2025 موقع معهد الدين القيم