وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد
فهذا الحديث رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة(1)
ورواه أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة(2)
ورواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة ضعيفة؛ فتارة يروي أحاديث أبي سلمة عنه من روايته، وتارة يرويها عنه عن أبي هريرة كما قال ابن معين(3).
وفي الجملة الجرح في محمد بن عمرو مفسر قادح يقدم على التعديل. والله أعلم
وكان شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله يحسن هذه الأسانيد في الجامع الصحيح له، وهي من الأسانيد التي نخالفه فيها رحمه الله، وجزاه الله عنا خيراً.
ورواية أبي معشر عن المقبري خاصة منكرة، فلا تصلح في الشواهد والمتابعات، قال علي بن المديني: كان يحدث عن المقبري وعن نافع بأحاديث منكرة(4).
وقال البيهقي(5): ولهذا شاهد من حديث ابن المسيب، عن أبي هريرة، ومن حديث معمر، عن زيد بن أسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً(6). انتهى.
قال ضياء الدين المقدسي في كتاب الأمراض والكفارات (21): "ورواه عمرو بن مرزوق عن ابن المسيب عن أبي هريرة". انتهى، وهو منقطع بين عمرو و ابن المسيب، والثاني مرسل.
وقال الطبراني في الأوسط (5905): حدثنا محمد بن يحيى القزاز قال: ثنا مسلم بن إبراهيم قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر قال: ثنا ثابت، عن أنس، أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «متى عهدك بأم ملدم؟» قال: وما أم ملدم؟ قال: «حر يكون بين الجلد والعظم، يمص الدم، ويأكل اللحم» قال: ما اشتكيت قط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرجوه عني»
قال: لم يرو هذين الحديثين عن ثابت إلا الحسن بن أبي جعفر، تفرد به مسلم بن إبراهيم . انتهى، وأخرجه أبو نعيم في الطب النبوي(584) من طريق مسلم بن إبراهيم به. والحسن بن أبي جعفر هذا منكر الحديث كما قال البخاري وغيره(7).
وأخرج أحمد (21282) عن أبي بن كعب: أنه دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "متى عهدك بأم ملدم؟ " وهو حر بين الجلد واللحم، قال: إن ذلك لوجع ما أصابني قط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن مثل الخامة تحمر مرة، وتصفر أخرى "، وفي سنده مبهمان. وليس فيه ما في الأول من ذكر الصداع والنار.
فالحديث ضعيف، فمداره إما على من وجد في حديثه نكارة، أو على إسناد فيه سقط أو إبهام، لا نعلم حال الساقط والمبهم، ولا يصلح هؤلاء حتى في الشواهد والمتابعات مع وجود احتمال شدة الضعف فيهم.
ولا يصح في أن الصداع من علامات أهل الإيمان حديث فيما نعلم. والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد(8395)، والبخاري في الأدب المفرد (495)، والنسائي في الكبرى (7/ 50)، وابن حبان في صحيحه (2916)، والحاكم في المستدرك (1/ 498) وغيرهم من طرق عنه به.
(2) أخرجه أحمد في مسنده (8794)، وأبو يعلى في مسنده (6556)، ومن طريقه أبو نعيم في الطب النبوي (585) من طريقين عنه به.
(3) قال ابن خيثمة: سئل ابن معين عن محمد بن عمرو، فقال: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. انتهى من تهذيب التهذيب (9/ 367- ترجمة محمد بن عمرو بن علقمة).
(4) انظر تهذيب الكمال (29/ 328- ترجمة أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي ).
(5) في شعب الإيمان (9438).
(6) جامع معمر (20314) عن زيد بن أسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو في المسجد إذ دخل عليه أعرابي مصحح - أو قال: ظاهر الصحة - قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل شكيت قط؟» ، قال: لا، قال: «هل ضرب عليك هذان قط؟» - وأشار إلى صدغيه - قال: لا، فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا». انتهى
(7) قال يحيى: ليس بشيء، وقال علي: هو ضعيف، وضعفه أحمد وتركه، وقال الفلاس والبخاري: منكر الحديث، وقال السعدي: واهي الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث ، وقال الدارقطني: ليس بالقوي في الحديث، وقال ابن حبان: كان من المتعبدين لكنه غفل عن صناعة الحديث وحفظه فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم. انتهى من الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 200) وانظر تهذيب التهذيب (2/ 260، ترجمة الحسن بن أبي جعفر الجفري)
جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم