لا يجوز استقبال القبر عند الدعاء، بل يستقبل القبلة، هذا الأصل، ولكن الدعاء للميت خاصة عند قبره لا مانع من استقبال القبر أو القبلة . والله أعلم هذه خلاصة الفتوى
قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يدعى للميت إذا فرغ من دفنه؟
قال الإمام أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال إسحاق: إذا دفن أتاه وليه أو من أحب فسلم عليه من قبل وجهه ثُمَّ استقبل القبلة فدعا له ثُمَّ انصرف. انتهى
"مسائل الكوسج" (819)
قال النووي في المجموع (5/ 311): قال الحافظ أبو موسى الأصفهاني رحمه الله في كتابه آداب زيارة القبور: الزائر بالخيار إن شاء زار قائماً وإن شاء قعد، كما يزور الرجل أخاه في الحياة؛ فربما جلس عنده وربما زاره قائماً أوماراً. قال: وروي القيام عند القبر من حديث أبي أمامة والحكم بن الحارث وابن عمر وأنس، وعن جماعة من السلف رضي الله عنهم. قال أبو موسى: وقال الإمام أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني - وكان من الفقهاء المحققين- في كتابه في الجنائز: ولا يستلم القبر بيده ولا يقبله. قال: وعلى هذا مضت السنة. قال أبو الحسن: واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الآن من المبتدعات المنكرة شرعاً، ينبغي تجنب فعله، وينهى فاعله. قال: فمن قصد السلام على ميت سلم عليه من قبل وجهه، وإذا أراد الدعاء تحول عن موضعه واستقبل القبلة. قال أبو موسى: وقال الفقهاء المتبحرون الخراسانيون: المستحب في زيارة القبور أن يقف مستدبر القبلة مستقبلاً وجه الميت يسلم، ولا يمسح
القبر ولا يقبله ولا يمسه؛ فإن ذلك عادة النصارى. قال: وما ذكروه صحيح؛ لأنه قد صح النهي عن تعظيم القبور، ولأنه إذا لم يستحب استلام الركنين الشاميين من أركان الكعبة لكونه لم يسن مع استحباب استلام الركنين الآخرين؛ فلأن لا يستحب مس القبور أولى. والله أعلم. انتهى
وسئل ابن باز رحمه الله: هل ينهى عن استقبال القبر حال الدعاء للميت؟ .
فقال: لا ينهى عنه؛ بل يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» ولم يقل استقبلوا القبلة، فكله جائز سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر، والصحابة رضي الله عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر. انتهى مجموع الفتاوى (13/ 338).
وقال ابن تيمية رحمه الله: ولا خلاف بين المسلمين أنه لا يشرع أن يقصد الصلاة إلى القبر، بل هذا من البدع المحدثة، وكذلك قصد شيء من القبور - لا سيما قبور الأنبياء والصالحين- عند الدعاء، فإذا لم يجز قصد استقباله عند الدعاء لله تعالى؛ فدعاء الميت نفسه أولى أن لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يصلي مستقبله؛ فلأن لا يجوز الصلاة له بطريق الأولى. انتهى مجموع الفتاوى (1/ 354)
وقال: فإن المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين: أن الداعي إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه، بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء له.
هذا قول أكثر العلماء كمالك في إحدى الروايتين، والشافعي وأحمد وغيرهم. وعند أصحاب أبي حنيفة لا يستقبل القبر وقت السلام عليه أيضا. ثم منهم من قال: يجعل الحجرة على يساره - وقد رواه ابن وهب عن مالك - ويسلم عليه. ومنهم من قال: بل يستدبر الحجرة ويسلم عليه وهذا هو المشهور عندهم ومع هذا فكره مالك أن يطيل القيام عند القبر لذلك. انتهى مجموع الفتاوى (1/ 230).
جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم